من الأولياء قوّة لا تخفى متى أمكن تزويجها من طريق أوليائها، وذلك أنَّه لا موجب للعدول عنهم متى أمكن التزويج من طريقهم؛ إذ إنّ السلطان ليس بوليّ لمن لها وليّ كما هو صريح الحديث، وأمّا إن لم يمكن تزويجها من طريق بقية أوليائها؛ كأن يقوم العاضل بمنع غيره أيضاً من الإقدام على تزويجها، ويخشى وقوع فتنة وعداوة بين العاضل وغيره ممن يريد تزويجها كما هو الغالب عادة في مثل هذا فحينئذ يرفع الأمر للحاكم ليحكم بالولاية لمن يستحقّها من الأولياء، ويعينه على التمكين منها، فإن لم يمكن ذلك إلاَّ مع خوف الفتنة وعداوة بين الأولياء زوَّجها الحاكم؛ قطعاً للنزاع ولتعذّر تزويجها من قبل الأولياء. والله أعلم.
المسألة الرَّابعة: وهى إذا غاب الوليّ الأقرب فمن يزوَّجها؟
وأمَّا المسألة الرَّابعة وهي: إذا غاب الوليّ الأقرب فمن يزوّجها؟ فقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنَّه: إذا غاب وليّ المرأة الأقرب فقد جاز لغيره تزويجها، على خلاف بينهم في حدَّ الغيبة التي يجوز التزويج فيها لغير الأقرب، وكذلك في: من يزوَّجها؟ أهو الوليُّ الذي يليه، أم السلطان؟ كما سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى.
وذهب ابن حزم الظاهري وزفر من الحنفيَّة إلى أنَّه لا يجوز لأحد تزويجها في غيبة وليّها الأقرب، وإن طالت غيبته حتى يقدم فيزوّجها بنفسه.
وناقش ابن حزم وجهة الجمهور من أنَّ في انتظاره إضراراً بالمرأة بأنَّ الإضرار بها لا يبيح فرجها، ثم تساءل عن حدِّ الغيبة التي ينتظر، فيها