بمنطوقها على أنَّ اليتيمة لا تنكح إلا بإذنها، ولا إذن لها قبل البلوغ، وذلك دليل على اشتراط بلوغها الذي يصح به الإذن. كما دلّت بمفهومها على أنَّ ذات الأب بخلافها كما تقدّم.
وقد أجيب عن هذا بأنّ المراد باليتيمة هنا البالغة؟ إذ لا معنى لاستئذان من لا إذن لها، والبالغة تسمَّى يتيمة استصحابًا للاسم الأول كما قال تعالى: أو {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُم} 1 وإنّما يدفع إلى اليتامى
أموالهم بعد بلوغهم2. وحمله بعضهم على المقاربة للبلوغ، حملاً للفظ اليتيمة على حقيقته ما أمكن3.
وقد حمل بعض الحنفية حديث قدامة بن مظعون على أنَّ ابنة أخيه
قد بلغت، فخيَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلوغها، بدليل قول ابن عمر: "والله لقد انتزعت منِّي بعد أن ملكتها"4. إلا أنَّ هذا الجواب الأخير لا يخفي تكلّفه، فهو غريب بعيد عن سياق تلك الواقعة، وحمل هذه الأحاديث على من يعتبر إذنها بالغة، أو مقاربة للبلوغ هو الجواب المعتمد فيما يظهر لي. والله أعلم.