فدلّ هذان الحديثان - وما في معناهما من الأحاديث - على أنَّ لكلٍّ من البكر والثّيب إذنًا معتبرًا شرعًا، والإذن إنَّما يدلّ عليه صريح القول مع القدرة عليه؛ لأنّ اللسان هو المعبّر عما في نفس صاحبه مع استطاعة صاحبه، على النُّطق بالكلام، ولكن دلّت تلك الأحاديث على اعتبار صمت البكر رضى؛ لشدّة حيائها من النُّطق بالإذن، فدلّ ذلك بمفهومه على أنَّ الثّيب بخلافها؛ فلا يكفي صمتها؛ لأنّها مارست الرجال ولا تستحي غالبًا من التصريح بالمقال، ثم إنّ القول هو الأصل في الإذن.

وقد استدلّ بعض العلماء على تأكيد النطق بالإذن في حق الثّيب بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه "والأيِّم تستأمر والبكر تستأذن" فقالوا: إنّ الأمر آكد من الإذن؛ فلا يكون إلاّ بالقول بخلاف الإذن فقد يكون بالقول أو بالصمت1.

ولكن اعترض عليه بما في حديث ابن عباس وغيره بلفظ "والبكر تستأمر" 2، ولكن أجيب عنه بأنّه خرج بقرينة "وإذنها صماتها"؛ بخلاف الثّيِّب3.

ولكنّ الأظهر والله أعلم: أنّ يقال: إنّ الأصل في كلٍّ من الإذن والأمر إنّما يتأتّى بالقول، وقد قام الدليل على اعتباره بالصَّمت من البكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015