شعب متفاوتة منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات ومنها ما هو مختلف فيه بين الحل والحرمة. وأما الموالاة المطلقة العامة للكفار فهي ناقضة للإسلام وهي كل تولي للكفار لدينهم أو محبتهم لكفرهم أو المحبة والرضا بكفرهم وعدم تكفيرهم أو الشك في كفرهم أو تصحيح مذهبهم أو تمني انتصار دين الكفار على دين المسلمين أو استباحة الموالاة المحرمة لهم أو ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام مداراة لهم ولطلب رضاهم ولتجنب غضبهم ولا يُستثنى من ذلك أحد إلا المُكره وذلك أن موافقة الكفار فيما يوجب الكفر الأكبر ظاهراً دون الباطن مداراة لخواطر الكفرة مع عدم الإلجاء والضرورة القصوى هو كفر أكبر كما نص على ذلك أهل العلم كالاستهزاء بالرسل أو الاستهزاء بالدين أو سب الله تعالى أو ملائكته أو رمي المصحف في النفايات ونحو ذلك لإرضاء الكفار فهذا كفر أكبر ولو كان الحامل على ذلك حظ من حظوظ الدنيا.

وأما مناط التكفير في باب الولاء والبراء:

أقول أن مناط التكفير في الولاء والبراء هو على عمل القلب لا على آثاره وثمراته فإذا اجتمعا حكم به وإذا اختلفا فالحكم لعمل القلب دون عمل الجوارح فحب الكافر لكفره أو تمني انتصار دين الكفار على دين المسلمين هذا هو الكفر في باب الولاء والبراء.

وبناءً على ماتقدم يتبين ما يلي:

أولاً: أن هناك فرق بين الموالاة والتولي التولي أخص من الموالاة , فكل تولي داخل في الموالاة وليس كل موالاة داخلة في التولي.

ثانياً: أن ضابط التولي هو نصرة الكافر على المسلم وقت حرب المسلم والكافر قاصداً ظهور الكفار على المسلمين.

ثالثاً: أن مناط التكفير في الولاء والبراء هو عمل القلب فحب الكافر لكفره أو تمني انتصار دين الكفار على دين المسلمين هذا هو الكفر في باب الولاء والبراء.

حقيقة قول من يقول أن تحقيق الولاء والبراء قد يؤدي إلى نفور الكفار من الإسلام:

ليس الأمر كذلك؛ فإن الله تعالى هو أرحم الراحمين، وهو سبحانه أحكم الحاكمين؛ حيث شرع بغض الكفار وعداوتهم) أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ (، ويقول ابن القيم رحمه الله (بل إن المشركين، وأهل الكتاب إذا رأوا المسلم القائم بالإسلام عظموه وأكرموه ... انتهى).

ويقول ابن تيمية: ( .... مثل الآصار والأغلال التي على أهل الكتاب وإذلال المسلمين لهم، وأخذ الجزية منهم، فهذا قد يكون داعياً له أن ينظر في اعتقاده هل هو حق أو باطل؟ حتى يتبين له الحق، وقد يكون مرغباً له في اعتقاد يخرج به من هذا البلاء، وكذلك قهر المسلمين عدوهم بالأسر يدعوهم للنظر في محاسن الإسلام ... انتهى).

فلا يُتوهَم أن تحقيق شعيرة البراءة من الكافرين وعداوتهم يؤول إلى مجانبة الإسلام، بل إن الالتزام بهذه الشعيرة وسائر شرائع الإسلام سبب في ظهور الإسلام وقبوله، كما وقع في القرون المفضلة، ومن ذلك أن اليهود خافت وذلت من يوم قتل رئيسهم كعب بن الأشرف على يد محمد بن مسلمة رضي الله عنه. ويقول ابن تيمية): وكان عدد من المشركين يكفُّون عن أشياء مما يؤذي المسلمين خشية هجاء حسان بن ثابت؛ حتى إن كعب بن الأشرف لما ذهب إلى مكة كان كلما نزل عند أهل بيت هجاهم حسان بقصيدة، فيخرجونه من عندهم، حتى لم يبق بمكة من يؤويه ... انتهى (. وجاء في سيرة ابن هشام " إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015