وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ) وبالنسبة لقوله تعالى (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) فقد ذكر جملة من أهل التفسير المحققين بأن المراد بالتبيَن هنا هو موت أبو إبراهيم على الكفر وإياسه من هدايته للإسلام.
وعليه فعداوة الله للكافرين وعداوتهم له هي ثابتة في حق مجموعهم لا في أعيانهم وآحادهم فإن الله نص على أنه عدو لهم في قوله ((فإن الله عدو للكافرين)) وهذه العداوة متجهه للنوع أي نوع الكافرين لكن لا نجزم أن الكافر المعين عدو لله إلا بعد التحقق من تحقق شروطها وانتفاء موانعها، والدليل على ذلك حديث الله جل وعلا عن نبيه إبراهيم عليه السلام مع أبيه فمن المعلوم أن أباه رفض الإيمان وبقي إبراهيم يدعوه ولم يحكم عليه بأنه عدو لله مع أنه كافر حتى تحقق من انطباق الوصف ولهذا قال تعالى ((فلما تبين له أنه عدو لله))، فلم يحكم عليه بأنه عدو لله بمجرد الكفر، فالكفر سابق على التبيين فدل على أن مجرد الكفر لا يستلزم وصف الفرد الكافر بأنه عدو حتى تتحقق صفة العداوة، أما بالنسبة لصنف ونوع الكفار فلاشك أنهم أعداء لله.
عدو المؤمن:
عدو المؤمن هو الكافر المحارب للدين وأهله والشيطان الرجيم بلا خلاف بين أهل العلم وكل عدو للمؤمن لدينه فهو عدو لله بالضرورة وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله (فإذا كان ولي الله هو الموافق المتابع له-يقصد الله عز وجل- فيما يحبه ويرضاه، ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه، كان المعادي لوليه معادياً له. كما قال تعالى: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ}.فمن عادى أولياء الله فقد عاداه، ومن عاداه فقد حاربه ولهذا جاء في الحديث (ومن عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة) ... انتهى). ولكن هل كل عدو لله يلزم منه أن يكون عدواً للمسلم؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة فمنهم من قال أن كل عدو لله فهو عدو للمؤمن وأن الكافر عدو للمؤمن سواءً كان مسالم أو محارب وإن اختلفت طريقة التعامل معهم , وفي هذا يقول ابن القيم في النونية:
شرط المحبة أن توافق من تحب ... على محبته بلا عصيان
فإذا ادعيت له المحبة مع ... خلافك ما يحب فأنت ذو بهتان
أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حباً له ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهداً أحبابه ... أين المحبة يا أخا الشيطان
ليس العبادة غير توحيد المحبة ... مع خضوع القلب والأركان
إلى أن يقول:
ولقد رأينا من فريق يدعي ... الإسلام شركاً ظاهر التبيان
جعلوا له شركاء والوهم وسووهم ... به في الحب لا السلطان
وقال آخرون لا يلزم من كون المشرك عدو لله أن يكون عدواً للمؤمن واستدلوا بإباحة الزواج من الكتابية المحصنة العفيفة ولم يكن الله عز وجل يشرع ويأذن