فالفاسق على المذهب المختار هو (ارتكاب المكلف المختار العالم بالتحريم بلا تأول ما ثبت أنه كبيرة (غير المختلف فيه) ولم يتب منها أو ارتكابه لصغار بحيث تغلب على طاعاته , مع السلامة من البدع الاعتقادية.
المراد بالإصرار على الصغيرة:
الإصرار هو الإقامة على الذنب والعزم على فعل مثله، وضابط الإصرار المفسق قضاءً على المذهب المختار هو غلبة الصغائر على الطاعات.
وعلى هذا فالإصرار على الصغيرة يكون مؤثراً في مقياس الغلبة عندما تغلب معاصيه على طاعاته ولا يكون الإصرار مؤثراً إذا غلبت طاعاته على معاصيه فالعبرة دائماً للغلبة وقيل بأن الإصرار على الصغيرة مفسق بإطلاق.
الفاسق المجاهر:
المجاهرون هم من يعملون المعاصي أمام الناس وهم ينظرون إليهم, ويُلحق بالمجاهرين الفساق الذين يتحدثون بمعاصيهم تفاخراً ويظهرونها ويكشفوا ما ستر الله عليهم لغير ضرورة ولا حاجة.
المبتدع:
اعلم أولاً أن البدعة ثلاثة أقسام باعتبار الكفر والإسلام:
الأولى: بدعة كفرية ناقضة لصريح دلالة الشهادتين, فيكفر صاحبها على التعيين بلا إعذار بجهل أو تأويل.
الثانية: بدعة كفرية لكنها غير ناقضة لصريح دلالة الشهادتين لكنها تُعارض أمراً مقطوعاً به في الدين فهذه يُعذر فيها بالجهل والتأويل لكن إن أقيمت الحجة على أصحابها وزالت الشبهة وأصر صاحبها فحينئذ يمكن لأهل العلم تكفيرهم.
الثالثة: بدعة غير كفرية أصلاً وهي التي لا تُعارض أمراً مقطوعاً به في الدين فهذه يفسق فيها المعاند المُصر الذي أقيمت عليه الحجة وزالت عنه الشبهة دون المتأول والجاهل بل قد يكون مأجوراً إذا استفرغ وسعه في طلب الحق وحسنت نيته , وهذه البدع التي لا تُعارض أمراً مقطوعاً به في الدين منها كبائر وهي ما أخلت بالضروريات الخمس ومنها صغائر وهي ما كانت بخلاف الكبائر.
وعلى هذا يتبين للمسلم أن أهل البدع المسلمين لا يُفسَقون بمجرد البدعة الغير كفرية لأنه قد يكون متأولاً أو طرأت عليه شبهات، وقد يكون المبتدع المسلم المتأول المجتهد لإصابة الحق خير من العاصي المتعمد عند الله , بل إن البدعة لا تُنافي الوصف بالعدالة الدينية أحياناً كأن تكون لا تُناقض صريح مدلول الشهادتين وهو متأول قد استفرغ وسعه لمعرفة الحق. وأما التحذير من المبتدعة الوارد عن السلف لا يعني تقديمهم المطلق للفاسق من أهل السنة عليهم لأن تقسيم الناس باعتبار الشرع هم الكفار والمنافقين والمسلمين , وأقسام المسلمين ثلاثة ظالم لنفسه مبين ومقتصد وسابق بالخيرات ولكن جاء تحذير السلف من البدعة وأهلها تأكيداً على خطورة البدعة وخطورة الاغترار بصلاح صاحبها في تسويق بدعته وبهذا يتبين لك أن من المبتدعة من هو ظالم لنفسه وفاسق فيه جهل وظلم حتى أخطأ السنة فهو ليس بكافر ولا منافق وبعضهم فيه عدوان وظلم يكون به فاسقاً أو عاصياً لا يرقى به إلى درجة الكفر ومنهم من يكون مُخطئاً ومتأولاً مغفوراً له خطؤه وقد يكون معه