فطفق الناس يشيرون له حتى إذا جاءني دفع إلي كتاباً من ملك غسان فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا من البلاء فتممت بها التنور فسجرته بها" أخرجه البخاري.
وفي قصة عبد الله بن حذافة السهمي - رضي الله عنه - ما يدل على ذلك. فإنه قد أسر في أحد المعارك مع الروم فعرض عليه ملك الروم أن يتنصر فرفض ثم قال له: إن فعلت شاطرتك ملكي وقاسمتك سلطاني فقال عبد الله: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب على أن أرجع عن ديني طرفة عين ما فعلت ذلك. ثم هدده الملك بالقتل وصلبه ورماه قريباً من رجليه وقريباً من يديه وهو يعرض عليه مفارقة دينه فأبى.
فقال له: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك فقال عبد الله له: وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً؟ قال: نعم فقبّل رأسه فأمر الملك بإطلاق سراحه وسراح جميع المسلمين المأسورين لديهم وقدم بالأسرى على عمر - رضي الله عنه - فأخبره خبره فقال عمر: حق على كل مسلم أن يُقبّل رأس ابن حذافة وأنا أبدأ فقبل رأسه (?).