ولهذا التلازم بين أصل (الإيمان) و (الولاء والبراء) ، جاء في كتاب الله تعالى خبرٌ بنفي وجود مؤمن يحبّ الكافرين لكفرهم، فهذا لا يُمكن أن يكون موجوداً أصلاً، لأنه لا يجتمع حُب النقيضين في قلبٍ واحدٍ أبداً.
قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]
المبحث الرابع
توافق (الولاء والبراء) مع سماحة الإسلام بعد أن بيّنّا أدلّة عقيدة (الولاء والبراء) ، وعلاقتهما بأصل الإيمان، فإنه لا يبقى هناك شك في أنها إحدى أُسُس الدين الإسلامي العظام. وهذا يعني أنّها لا بُدّ أن تصطبغ بصبغة الإسلام الكبرى، وهي الوسطيّةُ والسماحة والرحمة.
فقد قال الله تعالى عن نبيّه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]
وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] ( [البقرة 143] .
وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]
وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]
فالمعادلة السهلة، والنتيجة القطعيّة: أن (الولاء والبراء) ما دام أنه من الإسلام، فهو وَسطٌ وسَمْحٌ ورحمة. لا يشك في هذه النتيجة مسلم، ولا غير مسلم إذا كان منصفاً.