الغسل وبعد انقطاع الدم لا يقوى أمام القراءة الصحيحة وباقى أدلة الجمهور التى سبق عرضها.
بقى أن أشير إلى أن الإنصاف يقتضينا أن نشير إلى أن هناك خلط عند بعض المتناولين للقضية يشيرون إلى أن الجمهور قد استدل بأن الله وقف الحكم وهو جواز الوطء على شرطين. أولهما: وهو انقطاع الدم ويدل عليه قوله تعالى: حَتَّى يَطْهُرْنَ أى ينقطع دمهن، والثانى: وهو الاغتسال بالماء ويدل عليه قوله تعالى: فَإِذا تَطَهَّرْنَ أى إذا اغتسلن بالماء فعند تحقق هذين الشرطين يجوز الوطء وهذا ما فعله ابن تيمية فى النص السابق. وقد التبس هذا الأمر أيضا على القرطبى حيث يقول: ودليلنا أن الله سبحانه علق الحكم فيها على شرطين أحدهما: انقطاع الدم وهو قوله: حَتَّى يَطْهُرْنَ والثانى: الاغتسال بالماء وهو قوله تعالى: «فإذا تطهرن» أى فعلن الغسل بالماء (?).
فهذا اعتراف منه للحنفية رغم أنه ساق الدليل فى معرض احتجاجه لأدلة الجمهور.
وأنا لا أوافقه على ذلك لأن الجمهور لم يشترط انقطاع الدم بقوله: حَتَّى يَطْهُرْنَ وإنما اشترط الاغتسال وإلا لكان هذا اعترافا منهم يؤيد رأى الحنفية وهو أن (يطهرن) بالتخفيف بمعنى انقطاع الدم، لأن الحنفية يحملون قوله: «فإذا تطهرن» على الاغتسال.
لذلك يقول ابن العربى مراعيا لهذا الخلط: إنا نقول: نسلم أن قوله تعالى: حَتَّى يَطْهُرْنَ أن معناه حتى ينقطع دمهن، ولكنه لما قال بعد ذلك.
فإذا تطهرن معناه فإذا اغتسلن بالماء تعلق الحكم على شرطين:
أحدهما: انقطاع الدم.
الثانى: الاغتسال بالماء.
فوقف الحكم وهو جواز الوطء على الشرطين (?).
فكلام ابن العربى واضح فى أنه يفترض (حتى يطهرن) بالتخفيف معناه انقطاع الدم ردا