وإن كان منشأ لمفسدة، فهو مانع، وعدمه عدم مانع، وعدم المانع ليس علة، بل لا بد معه من مقتض، كما يقال: أعطاه لعلمه، أو لفقره، وسافر للعلم وللتجارة، ولو علل شيء منها بعدم المانع لعد جنوناً أو سخفاً1.

هذا إن كان وجوده منشأة لمصلحة، أو لمفسدة حتى يكون عدمه مناسباً.

وإن لم يكن كذلك حتى يكون عدمه مظنة، فإما أن يكون وجوده منافياً، لمناسب أولاً، فإن كان وجود ذلك الأمر منافياً لمناسب لمشروعية ذلك الحكم، فذلك الأمر بحيث يستلزم وجوده عدم المناسب تحقيقاً للمنافاة، ويجب أيضاً أن يستلزم عدمه وجود نقيض المناسب لتحصل بذلك العدم الحكمة، وحينئذ يكون هو نقيض المناسب، ويكون حاصله أنه كلما عدم نقيض المناسب فالحكم كذا، ويجعل عدم نقيض المناسب مظنة لوجود المناسب.

وهذا لا يصح، لأن نقيض المناسب، إن كان وصفاً ظاهراً منضبطاً أغنى عن المظنة بنفسه، وإن كان هو العلة في الحقيقة، وإن كان خفياً فنقيضه وهو ما عدمه مظنة أيضاً خفي، لاستواء النقيضين2 جلاء وخفاء، والخفي لا يصلح مظنة للخفي.

وإن لم يكن منافياً لمناسب، فالمناسب يحصل عند وجوده كما يحصل عند عدمه، فيكون وجوده وعدمه سواء في تحصيل المصلحة، فليس كون عدمه علة بأولى من أن يكون وجوده علة، فلا يصلح عدمه علة، وقد فرض علة3.

مثال ذلك قولك: يقتل المرتد لعدم إسلامه، فذلك إما لأن في قتله مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015