ويجاب عنه بأنه على تفسير العلة بالمعرف، فإن وجه تعريف العلة لحكم الأصل هو ما قدمناه من أنها معرفة له باعتبار كونه أصلاً يقاس عليه.
وعلى تفسيرها بالباعث، فإن الحكم الذي وجدت فيه المناسبة دون الآخر يكون علة لما لم توجد في المناسبة، أو أن كل واحد منهما علة للآخر، بمعنى أنه معرف لصاحبه1.
أدلة المذهب الثاني:
استدل أهل المذهب الثاني القائلون بالجواز مطلقاً بما يأتي:
الأول: أن أحد الحكمين قد يكون دائراً مع الحكم الآخر وجوداً وعدماً، والدوران2 يفيد ظن العلية، فإذا حصل في الحكم الشرعي حصل ظن العلية3.
الثاني: "أن علل الشرع معرفات، فللشارع أن ينصب حكماً على حكم آخر كما ينصب النجاسة التي هي حكم شرعي على تحريم البيع، والأكل الذي هو حكم شرعي"4. ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله عن الحج عن أبيه: "أرأيت لو كان على أبيك دين"5؟ حيث قاس إجزاء قضاء الحج عن الأب على إجزاء قضاء دين العباد عن الأب، والعلة كونها ديناً، وهو حكم شرعي، لأن الدين لزوم حق في الذمة6.