الثاني: أنه يجوز مطلقاً، وهو اختيار الإمام الفخر الرازي، والبيضاوي، والحنفية1.

الثالث: التفصيل، وهو أنه يجوز التعليل بالحكم الشرعي، إذا كان باعثاً على مصلحة ولا يجوز إذا كان باعثاً على مفسدة، وهو اختيار ابن الحاجب2.

استدل أهل المذهب الأول بما يأتي:

الأول: أن شأن الحكم أن يكون معلولاً، فلو جعل علة، لانقلبت الحقائق، وأجيب عنه بأنه "ليس في ذلك قلب الحقائق، بل يكون ذلك الحكم، معلولاً لعلته، وعلة معرفة لحكم آخر غير علته وقلب الحقائق، إنما يتأتى فيما لو كان علة معرفة لنفس العلة التي هو معلول لها".

وإذا ادعيتم أن شأن الحكم أن لا يكون علة البتة، فهذا محل النزاع.

الثاني: أن الحكمين متساويان في كون كل واحد منهما حكماً شرعياً، فليس جعل أحدهما علة للآخر أولى من العكس.

ويجاب عنه بأن المناسبة تعين أحدهما للعلية، والآخر للمعلولية، كما تقول: نجس، فيحرم، وطاهر فتجوز به الصلاة، فإن النجاسة مناسبة للتحريم، والطهارة مناسبة لإباحة الصلاة، فما وقع الترجيح إلا بمرجح، ولو عكس هذا فقيل:" لا يجوز بيعه، فيحرم، لم ينتظم، فإنه قد يحرم بيعه لغصبه، أو لعجز عن تسليمه أو غير ذلك"3.

الثالث: أن الحكم الذي يفرض علة يحتمل أن يكون متقدماً على الحكم الآخر ويحتمل أن يكون متأخراً عنه، ويحتمل أن يكون مقارناً له.

فعلى تقدير التقدم لا يصلح للعلية، لأنه يلزم منه وجود العلة مع تخلف حكمها، وهو نقض للعلة، والنقض قادح في العلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015