فاللام المذكورة في هذه الآيات، ومثيلاتها هي لام التعليل، وليست لام العاقبة، كما يدعي نفاة التعليل، لأن لام العاقبة إنما تكون في حق من هو جاهل بالعاقبة كما في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} 1، وأما من هو بكل شيء عليم، وهو على كل شيء قدير، فيستحيل في حقه دخول هذه اللام، وإنما اللام الواردة في أفعاله وأحكامه لام الحكمة، والغاية المطلوبة2.

3 - آيات تضمنت ما هو من صرائح التعليل، كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} 3، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} 4، وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} 5، إلى غير ذلك من النصوص التي اعتبرها الأصوليون نصاً أو ظاهراً في التعليل، مما سيأتي له زيادة بيان - إن شاء الله - عند الكلام على مسالك العلة.

4 - آيات تضمنت إنكاره سبحانه على من زعم أنه لم يخلق الخلق لحكمة وغاية، كقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ} 6، وقوله: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} 7، فالآيتان تدلان على أنه سبحانه خلق الخلق لحكمة عظيمة، وغاية محبوبة له ومطلوبة، هي عبادته وتوحيده اللذان هما مقتضى شكره على ما أنعم به على عباده8.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015