وجود حاتم1، المستفاد من كثرة الوقائع المنقولة عنهما2.
ثم مثل لذلك بقوله: "فقد اتفقت الأمة، بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معين، ولا شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلى شيء معين، لوجب عادة تعيينه، وأن يرجع أهل الإجماع إليه، وليس كذلك، لأن محلّ واحد منها بانفراده ظني، ولأنه كما لا يتعين في التواتر المعنوي وغيره أن يكون المفيد للعلم خبر واحد دون سائر الأخبار، كذلك لا يتعين هنا لاستواء جميع الأدلة في إفادة الظن على فرض الانفراد، وإن كان الظن يختلف باختلاف أحوال الناقلين، وأحوال دلالات المنقولات، وأحوال الناظرين في قوة الإدراك وضعفه، وكثرة البحث وقلته إلى غير ذلك"3.
ثم استدل على صحة هذا بالتمثيل لها بقوله: "فالنفس نهى عن قتلها، وجعل قتلها موجباً للقصاص متوعداً عليه، ومن كبائر الذنوب المقرونة بالشرك، كما كانت الصلاة مقرونة بالإيمان، ووجب سد رمق المضطر، ووجب الزكاة والمواساة، والقيام على من لا يقدر على إصلاح نفيه، وأقيمت الحكام والقضاة والملوك لذلك، ورتبت الأجناد لقتال من رام قتل النفس، ووجب على الخائف من الموت سد رمقه بكل حلال وحرام من الميتة والدم ولحم الخنزير إلى سائر ما ينضاف إلى هذا"4.