أخذ بالثقة، وفرار من القبح والنظر في معاملات الناس، وما استقاموا عليه وصلح عليه أمرهم يمضي الأمور على القياس، فإذا قبح القياس يمضيها على الاستحسان ما دام يمضي له فإذا لم يمض له رجع إلى ما يتعامل المسلمون به"1.

فهذا النص صريح في أن أبا حنيفة رحمه الله كان يأخذ بالاستحسان والعرف، وأما الاستحسان فهو كما نقله عنه أصحابه كان أرحب مجال له في المناقشة والاستدلال، ولذا قال محمد بن الحسن2: "إن أصحابه كانوا ينازعونه القياس، فإذا قال: استحسن لم يلحق به أحد" 3.

وكان في إكثاره من الاستحسان والاعتماد عليه مثار نقد وطعن في فقهه ممن لم يقف على حقيقة معنى الاستحسان عند أبي حنيفة حيث حمله على محض القول المجرد عن الدليل، كما فهمه الشافعي رحمه الله ورد عليهم.

وعلى فرض أن الاستحسان شامل للقول المجرد عن الدليل العاري عن أي دليل فهو أيضاً شامل من باب أولى لدليل الرأي المستند إلى ما يعضده من المصالح التي شهدت أصول الشرع وقواعده العامة باعتبارها "ومعنى هذا أن القدر الذي أنكره الشافعي من الاستحسان غير شامل لما ينطبق عليه اسم الاستصلاح بدليل ... إنه هو بنفسه كان يأخذ به تحت اسم القياس، وإذا فالقدر الذي يدخل منه في باب الاستصلاح، وهو ما سموه باستحسان المصلحة، ليس هو المراد بإنكار الشافعي للاستحسان، وما جاء في كلامه حوله"4.

ولذلك حاول الحنفية بيان معنى الاستحسان بما يخرجه عن كون الأخذ به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015