2 - أن يعملوا ولا يضمنوا ما تلف بدعواهم هلاكه وضياعه، فتضيع الأموال ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة.
فكانت المصلحة في تضمينهم كما قال علي رضي الله عنه، وهو تقديم للمصلحة العامة على الخاصة، وهو أصل شهدت له نصوص الشرع وقواعده العامة1.
فإن حصل تضمين بريء اغتفر، لذا قال الشاطبي آنفاً في ضرب المتهم: وإن أمكن مصادفته فتغتفر كما اغتفر في تضمين الصناع، مع أنه صرح بأن الضرب إنما يكون في حق من قامت القرائن القوية بإدانته، وذلك إما بظهور مثل ذلك عليه سابقاً، أو لصحبته السراق، أما من لم تقم القراء على إلصاق التهمة به، فهذا لا يسجن، ولا يضرب، وقد عقد ذلك صاحب تحفة الحكام2 بقوله:
وإن يكن مدعياً على ... من حاله في الناس حال الفضلا
فليس من كشف لحاله ولا ... يبلغ بالدعوى عليه أملا
وإن يكن مطالباً من يتهم ... فمالك بالضرب والسجن حكم3
ومعنى الأبيات أن من ادعى السرقة على من لا بينة له عليه أنه ينظر في حال المدعى عليه السرقة، فإن كان من أهل الخير والفضل بعيداً عن التهمة فإنه لا يكشف عن حاله، ولا يلتفت إلى هذه الدعوى لبعدها عادة.
وإن كان المدعي عليه ممن يتهم بمثل ذلك، فالحكم أن يسجن حتى يعلم حاله، وقد يشدد عليه بالضرب بحسب ما دلت عليه القرائن من شهرة تهمته وثبوت مثل ذلك عليه ونحو ذلك4.