باختياره؛ ولأن إقامة البينة لا تمكن على ما يعمل خفية، فرأوا أن المصلحة تقتضي ذلك حفظاً للنفوس والأعراض والأموال، إذ لو علم أنه لا ينتزع منه الإقرار بالضرب والسجن مع تعذر إقامة البينة عليه، وتمكنه من السطو، ووسائل الهرب، ولا سيما مع ضعف الوازع الديني، لأدى ذلك إلى ضياع الحقوق وانتشار الفساد.

ولما كان الأخذ بهذه المصلحة معارضاً بمصلحة حفظ عرض وبدن المتهم، كانت محل الخلاف بين العلماء ومثال نقد على المالكية، وعلى الإمام مالك رحمه الله بصفة خاصة، حتى نسب إليه مخالفوه ما لم يقله، فنسب إليه الغزالي القول بضرب المتهم1، مع أن الواقع خلاف ذلك، إذ لا تصح نسبة ذلك إليه، وإن كان نسبه إليه بعض المالكية وغيرهم لما سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى.

وهذه نقول تدل على هدم صحة هذه النسبة نذكرها فيما يلي:

1 - ما جاء في المدونة أن سحنوناً2 قال: "قال: أرأيت إن أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد، أو الوعيد أو السجن أو الضرب، أيقام عليه الحد أم لا؟

قال ابن القاسم3: قال مالك: "من أقر بعد التهديد أقيل، فالوعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015