وقوله لاشتراكهما في علة الحكم، أشار به إلى الركن الرابع، وهو العلة الآتي تعريفها، وقيد بالاشتراك، لأن القياس لا يمكن في كل شيء، بل إذا كان بينهما مشترك يوجب الاشتراك في الحكم.

وهو قيد احترز به عن إثبات مثل حكم معلوم في معلوم، لا للاشتراك في العلة بل لدلالة نص، أو إجماع، فإنه لا يكون قياساً1.

وقوله عند المثبت، ذكره ليتناول الصحيح والفاسد في نفس الأمر، والمراد بالمثبت القائس، فهو يعم المجتهد المطلق، والمجتهد المقيد، الذي يقيس على مذهب إمامه2.

الاعتراضات الواردة على هذا التعريف، والإجابة عنها:

الأول: ما ذكره الآمدي، وقال: "إنه إشكال مشكل لا محيص عنه، وهو أن الحكم المثبت في الفرع متفرع على القياس إجماعاً، فجعله ركناً في الحد، يقتضي توقف القياس عليه، وهو دور ممتنع"3.

وقد يجاب عنه: بأن الدور إنما يلزم لو كان التعريف حداً حتى يكون الإثبات جزءاً من القياس، فيتوقف القياس عليه، ونحن لا نسلم أن التعريف حد، بل ندعي إنه رسم، كما أشار إليه إمام الحرمين في البرهان، فعلى هذا يكون الإثبات خاصة من خواص القياس، وليس حقيقة فيه، فحمل الإثبات عليه حمل "ذو"، أي أن القياس ذو إثبات أي في إثبات، فالتعريف بالخاصة لا يوجب الدور لانفكاك الجهة، لأن خاصة الشيء تتوقف عليه من جهة وجودها ضرورة، لأنها عرض، والعرض لا بد له من محل يقوم به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015