2 - أن تكون معقولة في ذاتها جرت على ذوق المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول.
3 - أن يكون في الأخذ بها محافظة على أمر ضروري، أو رفع لحرج لازم في الدين بحيث لو لم يؤخذ بها في مكانها لكان الناس في حرج1، واعتبار هذه الشروط في الأخذ بالمناسب المرسل يمنع أن يكون الأخذ به خلع ربقة الإسلام، وجعل النصوص خاضعة لأحكام هواه وشهواته، ذلك أن المصلحة في المرسل "ليست مصلحة مسكوتاً عنها، بل مصلحة اعتبرتها الشريعة بجملة نصوص، ومجموع أدلة، ووصف كتاب الأصول المصلحة الملائمة بالإرسال مجرد اصطلاح قصد به التفريق بين الاستدلال المرسل والقياس، إذ للقياس أصل معين يشهد لعين المصلحة، في حين أن الاستدلال المرسل توجد فيه أصول غير معينة، بمعنى أنها لم تشهد لعين المصلحة، وإن شهدت لجنسها بالاعتبار وعلى ذلك فإنه يلزم للمجتهد الذي يدعى أن هناك مصلحة توجب إعطاء الواقعة حكماً معيناً أن يثبت أن لهذه المصلحة جنساً اعتبره الشارع بنصوص شرعية، وأن يقدم النصوص، وإلا فهو تشريع منه بالرأي، وهو قول بالتشهي، وهو ابتداع في الدين، وكل أحد عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"2.
ومعلوم أن مالكاً رحمه الله لم يدون أصوله التي جعلها أساساً لمذهبه في استنباط الأحكام الفرعية التي نسبت إليه، والفتاوى التي رويت عنه، وإنما كان شأنه في ذلك شأن أبي حنيفة رحمه الله، ولم يكن كتلميذه الشافعي رحمه الله الذي دون أصوله في استنباط الأحكام وضبطها وذكر البواعث التي دفعته إلى اعتبارها، ومقامها من الاستدلال، غير أن علماء المذهب المالكي استنبطوا من فتاوى مالك والفروع التي رويت عنه الأصول التي قام عليها المذهب في استنباط أحكامه منها، فدونوا تلك الأصول المستنبطة على أنها أصول مذهب مالك وعليها كان