ومثال الثاني: إثبات الولاية على الصغيرة في نكاحها، قياساً على إثبات الولاية في مالها، فإن كلاً منهما نوع مندرج تحت جنس الولاية، وعلى هذا فالمثل لا يسوغ وقوعه في التعريف، لأن التعريف معناه التوصل بالمعلوم إلى المجهول1.

وذهب بعض العلماء إلى أن تصور المثل بديهي، لا يحتاج إلى نظر واستدلال، ولذا جاز وقوعه في التعريف؛ لأن كل عاقل يعلم بالضرورة أن الحارّ مثل للحار في كونه حارّاً، ومخالف للبارد في ذلك، فلو لم يكن تصور المثل بديهياً، لزم أن لا يعلمه بعض العقلاء بالضرورة، لكن التالي باطل، لأن كل عاقل يعلم بالضرورة أن الحار مثل للحار في كونه حاراً2، فالمقدم وهو عدم كونه بديهياً مثله.

ويرى الأسنوي أن البيضاوي إنما عبر بالمثل لأن الحكم الثابت في الفرع ليس هو عين الثابت في الأصل، لاستحالة قيام الواحد بالشخص بمحلين، بل الثابت مثله3.

ورده الكمال ابن الهمام بأن حكم كل من الأصل والفرع واحد بالشخص له إضافتان: إضافة إلى الأصل، باعتبار تعلقه به، وباعتباره به يسمى حكم الأصل. وإضافة إلى الفرع، باعتبار تعلقه به، وباعتباره يسمى حكم الفرع، فلا تعدد في ذاته بتعدد المحل أصلاً، بل هو واحد له تعلق بكثيرين فالتحريم المضاف إلى الخمر، هو بعينه المضاف إلى النبيذ، كما أن القدرة شيء واحد متعلق بالمقدورات، فلم يقتض تعدد تعلقاتها تعددها.

وما ذكر من أن المعنى الشخصي لا يقوم بمحلين، إنما هو في العرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015