فالمؤثر والملائم لا خلاف في قبولهما عند الجميع، لما تقدم نقله عنهم من كونه مقبولاً عند الجميع، ولما صرح به صاحب التحرير وشارحه من أن المؤثر عند الحنفية أعم من المؤثر عند الشافعية، وهو ما ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في عين الحكم، ومن الملائم الأول الذي هو من أقسام المناسب بأقسامه الثلاثة.
وهو ما ثبت اعتبار عين الوصف في عين الحكم بمجرد ثبوته مع الحكم في المحل، مع اعتبار عين الوصف في جنس الحكم بنص أو إجماع أو جنس الوصف في عين الحكم أو في جنسه، وأقسام ملائم المرسل الثلاثة وهي ما لم يثبت اعتبار عين الوصف في عين الحكم في المحل، لكن ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عينه أو جنسه.
فشمل المؤثر عند الحنفية - وهو الذي ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في عين الحكم أو جنسه، أو جنسه في عين الحكم أو جنسه - سبعة أقسام في عرف الشافعية1، وقالا: إنه يجب على الحنفية قبول ملائم المرسل2.
فاتضح بذلك أن المؤثر شامل للملائم، وأنهما مقبولان عند الجميع، ولذا صرح الغزالي بأن المؤثر مقبول باتفاق القائلين بالقياس، ونقل عن أبي زيد الدبوسي أنه قصر القياس عليه، وقال لا يقبل إلا المؤثر، لكنه أورد للمؤثر أمثلة عرف بها أنه من قبيل الملائم لكنه سماه أيضاً مؤثراً3.
وأجاب عما ذكره أبو زيد "من أن الإخالة لا يمكن الدلالة عليها مع الخصم، بأن الظن به أنه عنى بذلك ما يرجع إلى شهادة القلب، ووقوع في النفس يجري مجرى الإلهام الذي يضيق نطاق العبارة عنه.
قال: "وما ذكرناه من المناسب خارج عن الفن الذي ذكره، وهو الذين نعنيه بالمخيل أيضاً إذا أطلقناه".