وهذه العقود ليست الحاجة إليها في رتبة واحدة، بل بعضها أقوى من بعض، كما أن بعضها قد يكون ضرورياً في بعض الصور، كإجارة من ترضع لتربية طفل لا أم له ترضعه، وكشراء المطعوم والملبوس له، فإنه ضروري من قبل حفظ النفس، ولذا لم تخل منه شريعة، وإنما أطلق الحاجي عليها باعتبار الأغلب1.

فالوصف المناسب فيهما الحاجة، والحكم هو البيع والإجارة، والمقصود هو التمكن من تملك الذات، أو المنفعة2.

وذهب إمام الحرمين إلى أن تصحيح البيع آئل إلى الضرورة، والإجارة دونه3.

ومنه تمكين الولي من تزويج الصغيرة، فإن مصالح النكاح غير ضرورية لها في الحال، إلا أن الحاجة إليه حاصلة، وهي خشية تفويت الكفء الذي لو فات ربما فات لا إلى بدل، إذ لو منع تزويجها لعدم حاجتها إلى النكاح حال الصغر، فإنه قد لا يوجد الكفء لها عند البلوغ الذي تيسر لها في الصغر، فتفوت مصلحة الكفاءة التي يترتب عليها دوام الألفة بين الزوجين.

فالوصف المناسب هو الصغر، والحكم تسليط الولي على تزويجها، والمقصود الذي شرع له الحكم هو تحصيل الكفء الذي قد يفوت لا إلى بدل4.

وأما مكمل الحاجي، "فكوجوب رعاية الكفاءة، ومهر المثل في الولي إذا زوج الصغيرة، فإن أصل المقصود من شرع النكاح، وإن كان حاصلاً بدونها، لكنه أشد إفضاء إلى دوام النكاح، وهو من مكملات مقصود النكاح"5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015