أما المخطئة فيرون أن المصيب واحد لا بعينه، فالقياس الصحيح عندهم ما كان بحسب الواقع ونفس الأمر، فما لم يكن كذلك فليس بصحيح، وما ظهر غلطه ووجب الرجوع عنه، لا يرون أنه محكوم بصحته إلى زمن ظهور غلطه، بل مما كان فاسداً، وتبين فساده.

وأما المصوبة الذين يرون أن كل مجتهد مصيب، فالقياس الصحيح عندهم هو "ما حصلت في المساواة في نظر المجتهد، سواء ثبتت في نفس الأمر، أم لا، حتى لو ظهر غلطه ووجب الرجوع عنه، فإنه لا يقدح في صحته عندهم، بل ذلك انقطاع لحكمه لدليل صحيح آخر حدث، وكان قبل حدوثه، القياس الأول صحيحاً، وإن زالت صحته"1. فإذا رجع عنه المجتهد سمي حينئذ قياساً فاسداً.

والحاصل أن القياس المرجوع عنه يعمل به قبل الرجوع عنه باتفاق الجميع، وبعد الرجوع عنه لا يعمل به اتفاقاً، وإنما الخلاف بين المخطئة، والمصوبة في أن القياس المرجوع عنه إذا ظهر فساده هل كان قبل ذلك يسمى صحيحاً، وإليه ذهب المصوبة أو كان يسمى فاسداً، وإليه ذهب المخطئة، فالخلاف في التسمية2.

الاعتراض الثاني: قيل: هذا التعريف غير جامع؛ لأنه لا يشمل الأقيسة الآتية:

1 - قياس الدلالة: وهو ما جمع فيه بلازم العلة، كقياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة المشتدة، وهي لازمة للعلة التي هي الإسكار، أو بحكمها، كقطع الجماعة بالواحد قياساً على قتلهم به بجامع وجوب الدية عليهم، وهو حكم العلة التي هي حصول القطع منهم خطأ في الصورة الأولى، وكذا القتل في الثانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015