فائدة ومنصب الشارع مما ينزه عنه، وذلك لأن الوصف المذكور إما أن يكون مذكوراً مع الحكم في كلام تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم".
فإن كان كلام الله تعالى وقدر أنه لو لم يقدر التعليل به فذكره لا يكون مفيداً، ولا يخفى أن ذلك غير جائز في كلام الله تعالى إجماعاً، نفياً لما لا يليق بكلامه عنه.
وإن كان في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يخفى "أن" الأصل إنما هو انتفاء العبث عن العاقل في فعله وكلامه ونسبة ما لا فائدة فيه إليه، لكونه عارفاً بوجوه المصالح والمفاسد فلا يقدم في الغالب على ما لا فائدة فيه وإذا كان ذلك الظاهر من حال العقلاء فمن هو أهل للرسالة عن الله تعالى، ونزول الوحي عليه وتشريع الأحكام أولى، وإذا عرفت ذلك فيجب اعتقاد كون الوصف المذكور في كلامه مع الحكم علة"1.
وهذا النوع اختلفت فيه طريقة الأصوليين:
فمنهم من ذكره من غير أنه يقسمه إلى أقسام كابن الحاجب ومنهم من قسمه إلى أقسام كالآمدي، وقد رأيت أن أسلك طريقة من قسم إلى أقسام لما في ذلك من زيادة الإيضاح، وهذه الأقسام هي:
1 - أن يكون ذكر الوصف مع الحكم دافعاً لسؤال أورده من توهم الاشتراك بين الصورتين كما روي أنه صلى الله عليه وسلم امتنع من الدخول على قوم عندهم كلب، فقيل له: إنك دخلت على قوم عندهم هرة، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنها ليست نجسة، إنها من الطوافين عليكم والطوافات" 2، فلو لو يكن طوافها علة لعدم نجاستها لم يكن