غير أنه لم يحصل، أو لم يعرف، لكن قول المحلى "وتكون في ذلك في الحكم فقط"1، يقتضي عدم إمكانه، غير أن عدم الظفر له بمثال أعم من إمكان حصوله فلا يقتضيه.

وعلله الشربيني بقوله: "إنما كان كذلك، لأن الراوي من حيث هو راو إنما يريد حكاية ما وقع، فلا بد أن يحكيه على ترتيبه، ثم السامع ينتقل إلى فهم التعليل وليس هو كالشارع حتى يؤخر ما كان مقدماً في الوجود بناء على فهم السامع التعليل.

فإن قلت: حكاية ما في الخارج تحصل مع التأخير؛ لأن تقدم العلة لازم، قلت: وضع الفاء إنما هو ترتب مدخولها وهو الذي ساق له الراوي كلامه، لا التعليل اللازم له التقدم"2.

وسواء في ذلك الفقيه وغيره، وإن كانت رواية الفقيه تقدم على رواية غير الفقيه عند التعارض لإتقانه، لأن الراوي عدل يحكي ما وقع، وهو عارف بمعاني الألفاظ فعبر عما وقع أمامه بعبارة تدل عليه، ولو لم يفهم ترتب الحكم على الوصف بالفاء لم يقله، فالفاء فيما ذكر للسببية التي هي بمعنى العلية3.

هذا وقد اختلف الأصوليون في الترتيب بالفاء هل هو من النص، أو الإيماء؟

فمنهم من اعتبره من النص كابن الحاجب وابن السبكي من النص الظاهر الدال على العلية وضعاً، لا نظراً واستدلالاً وهذا هو الظاهر، لتبادر السلبية منها، كما في قوله تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} 4، وقوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} 5 "لأن القضاء مسبب عن الوكز الذي هو سبب الموت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015