الثاني: أنه تعالى قال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} 1، وبالاتفاق لا يجوز أن يكون ذلك غرضاً.
الثالث: قول الشاعر:
لدوا للموت وابنوا للخراب ... فليست اللام ههنا غرضاً.
الرابع: يقال: أصلي لله تعالى، ولا يكون أن تكون ذات الله تعالى غرضاً قال: قلت: أهل اللغة صرحوا بأن اللام للتعليل وقولهم حجة، وإذا ثبت ذلك وجب القول بكونها مجازاً في هذه الصور"2.
وقد تابع البيضاوي، والأسنوي الإمام في كون اللام مجازاً في هذه الصور دفعاً للاشتراك لأنه خير منه3، وذلك لأمرين:
أحدهما: أن الاشتراك اللفظي يلزمه تعدد الوضع والأصل عدمه.
الثاني: أن اللفظ مع الاشتراك إن لم تكن معه قرينة فهو غير دال على شيء بعينه وإن كانت معه قرينة دل على ما دلت عليه القرينة فهو دال في حال واحدة. وأما اللفظ مع الحقيقة والمجاز4 فهو دال على الحالين؛ لأنه إن لم تكن معه قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي فهو دال على المعنى الحقيقي، وإن كانت معه قرينة صارفة فهو دال على المجاز.
ووجه العلاقة هنا بين الحقيقة والمجاز أن عاقبة الشيء مترتبة عليه في الحصول ترتب العلة الغائية على معلولها5.