أي إنما وجب تخميس الفيء، كي لا يتداوله الأغنياء منكم فلا يحصل للفقراء منه شيء، فإن قيل: كيف تعد كي في الصريح مع أنها تكون مصدرية والمحتمل لغير التعليل، ليس صريحاً في التعليل به؟

أجيب عنه بأن كي المصدرية تلزمها لام التعليل ظاهرة أو مقدرة فهي مؤكدة للام التعليل، فلم تخرج عن كونها للتعليل بالأصالة أو التأكيد.

"و" إذن كما في قوله تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} 1، أي ولولا أن ثبتناك على الحق بعصمتك عن الباطل، لقد كدت تركن إليهم ركوناً قليلاً، إذن لأذقناك عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، كما نعذب غيرك فيهما2.

الثاني: الظاهر وهو أن يحتمل غير العلية احتمالاً مرجوحاً وله ألفاظ هي:

الأول: اللام ظاهرة ومقدرة، فالظاهر كقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} 3، وقوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} 4، وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 5، وقوله: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} 6، أي لزوال الشمس، وقد نقل الغزالي عن القاضي عدم صلاحية اللام للتعليل في هذا المثال ونظر فيما نقله عنه بما نصه: "قال القاضي: قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} من هذا الجنس لأن هذا لام التعليل والدلوك لا يصلح أن يكون علة، فمعناه صل عنده فهو للتعقيب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015