بادرو العلمَ بداراً قبلَ أنْ ... يبغت الحين بهولٍ وشغبْ
صاح لا تُلْفَ بجهلٍ راضِياً ... فذوو الجهلِ كأمثالِ الخُشُبْ
واصحبِ الدائبَ في استنباطِهِ ... لا جَهولٍ خِدْنَ لهوٍ ولَعِبْ
إنما القُنْيَةُ عِلمٌ نافعُ ... لا العتاق الجُرْدُ والخُورُ الصُّهُبْ
لا يُزَهّدْكَ أخي في العلمِ أنْ ... غَمَر الجُهَّالُ أرْبابَ الأدبْ
زَبدُ البحرِ تراهُ رابياً ... واللآلى الغُرّ في القَعْرِ رُسُبْ
لا تَسُؤْ بالعلم ظناً يا فتىً ... إنّ سُوَء الظنّ بالعلم عَطبْ
إنْ تر العالم نضواً مُرْمِلا ... صِفْرَ كَفٍّ لم يُساعِدْهُ سبَب
وترى الجاهلَ قد حازَ الغني ... مُحْرِزَ المأمولِ منْ كلّ أربْ
قد تَجوعُ الأسدُ في آجامِها ... والذِّئابُ الغُبْسُ تَعتامُ القَتَبْ
رأتِ الدُّنيا خبيثاً مثلها ... لم تمالَكْ أن أتَتهُ تَنْسِلبْ
فحَبتْهُ الحبَّ منها خالصاً ... وكذاكَ الشكلُ للشكلِ مُحِبْ
ورأتْ ذا العلم فَوَّاحَ الشذا ... آبىَ الذّامِ فآلتْ تَصطِحبْ
فقلتْهُ وقلاها يا لهُ ... قمرٌ عنهُ قد انجابَ الحُجُبْ
فغِني ذي الجهل فاعلم فتنةٌ ... وافتقارُ الحَبْرِ تأسيس الرُّتبْ
فخذِ النصْحَ ولا تَعْبأ بمنْ ... بدل النصح فطاوعه تَصبْ
أضْيَعُ الأشْياءِ حُكمٌ بالغٌ ... بينَ صُمٍّ ونداءٌ لم يُجَبْ
ولوْ أرْسلْتُ عِناني في مدَى ... ما بدا لي مِنْ أساليب العربْ
ومنْ الحثِّ لأرْباب النهى ... لقَرَيْتُ الأذنَ منها بالعَجَبْ
لكنَّ الشّعْرُ انقَضَتْ أيَّامُهُ ... لا ترى اليوْمَ إليهِ مُنتدِبْ
غيرَ راوٍ خافِضٍ مَرْفوعَهُ ... ناصِبٍ مخفوضهُ أو ما انتصَبْ
ونزوحُ الفَهْمِ عنْ ميزانهِ ... ليسَ يَدْري كاملاً من مُقتَضَبْ