وَالنَّظَر فِي أَرْكَانه وَأَحْكَامه
الأول فِي الْأَركان وَهُوَ اثْنَان الصِّيغَة والأهل أما الْمحل فَلَا يخفى
الرُّكْن الأول الصِّيغَة وَهِي أَن يَقُول إِذا مت فَأَنت حر أَو دبرتك أَو أَنْت مُدبر وَحكمه أَنه يعْتق إِن وَفِي الثُّلُث بِهِ بعد قَضَاء الدُّيُون وَفِيه مسَائِل
الأولى أَن لفظ التَّدْبِير صَرِيح نَص عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَشْهُور فِي اللُّغَة لهَذَا الْمَعْنى وَورد الشَّرْع بتقريره وَلَفظ الْكِتَابَة يفْتَقر إِلَى النِّيَّة لِأَن اللُّغَة لَا تجعلها صَرِيحًا فِي حكمهَا الشَّرْعِيّ وَقيل فِيهَا قَولَانِ بِالنَّقْلِ والتخريج وَهُوَ ضَعِيف
الثَّانِيَة التَّدْبِير الْمُقَيد كالمطلق وَهُوَ أَن يَقُول إِن مت من مرضِي هَذَا أَو قتلت فَأَنت حر وَلَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت مُدبر لَا يصير مُدبرا مَا لم يدْخل الدَّار وَقد علق الْعتْق بصفتين وَلَو قَالَ إِن مت فَأَنت حر بعد موتِي بِيَوْم عتق بعد مَوته بِيَوْم وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله صَار وَصِيَّة فتحتاج إِلَى الْإِنْشَاء بعد الْمَوْت
فَلَو قَالَ شريكان إِذا متْنا فَأَنت حر فَإِذا مَاتَ أَحدهمَا لم يعْتق نصِيبه لِأَنَّهُ مُعَلّق بموتهما جَمِيعًا لَكِن صَار نصيب الآخر مُدبرا عِنْد موت صَاحبه وَقيل ذَلِك لِأَن تَدْبِير الثَّانِي مُعَلّق بِمَوْت صَاحبه والآن لم يبْق إِلَّا موت الْمَالِك وَلَكِن لَيْسَ للْوَارِث التَّصَرُّف فِي نصيب من مَاتَ أَولا لِأَنَّهُ ينْتَظر الْعتْق بِمَوْت الثَّانِي فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار بعد موتِي فَأَنت حر لم يجز للْوَارِث بَيْعه بعد الْمَوْت كَمَا لَا يَبِيع مَال الْوَصِيَّة قبل قبُول الْمُوصى لَهُ وَلَيْسَ للْوَارِث رفع تَعْلِيق الْمَيِّت كَمَا لَيْسَ لَهُ رفع عاريته الَّتِي أضافها إِلَى مَا بعد الْمَوْت