أما حكم الْبَيِّنَة فَلَا يلْزم بِكُل حَال وَلَا خلاف أَن دَعْوَى ثَالِث بِالْملكِ مُطلقًا تسمع إِذْ لم يلْزمه حكم الْبَيِّنَة المقامة على غَيره فَهَذَا ثَلَاث مَرَاتِب فلتفهم
الْحَالة الثَّالِثَة أَن تكون الدَّار فِي يدهما وَادّعى كل وَاحِد جَمِيعهَا
فَإِن لم تكن بَيِّنَة فيتحالفان إِذْ كل وَاحِد مُدع فِي النّصْف مدعى عَلَيْهِ فِي النّصْف فَيبْدَأ القَاضِي بِمن يرَاهُ أَو بِالْقُرْعَةِ فَإِن حلفا أَو نكلا بَقِي الدَّار فِي يدهما كَمَا كَانَ وَإِنَّمَا يحلف كل وَاحِد على النَّفْي بِخِلَاف المتحالفين فِي البيع إِذْ كل وَاحِد يحلف على إِثْبَات مَا يَدعِيهِ وَنفي مَا يدعى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمَيّز فِي البيع الْمُدَّعِي عَن الْمُدعى عَلَيْهِ أما هَا هُنَا فالتمييز ظَاهر إِذْ نصف الدَّار مُمَيّز عَن النّصْف الآخر وَمِنْهُم من قَالَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَولَانِ بِالنَّقْلِ والتخريج
أما إِذا حلف الأول وَنكل الثَّانِي ردَّتْ الْيَمين على الأول فَيحلف على الْإِثْبَات فِي النّصْف الآخر لِأَن هَذِه يَمِين الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَة
فَلَو أَقَامَ الناكل بَيِّنَة بعد الْيَمين الْمَرْدُودَة فَفِيهِ وَجْهَان ينبنيان على أَن الْيَمين الْمَرْدُودَة كَالْإِقْرَارِ أَو الْبَيِّنَة فَإِن قُلْنَا إِنَّهَا كَالْإِقْرَارِ لم تقبل أما إِذا نكل الأول فتعرض على الثَّانِي يَمِين النَّفْي وَالْيَمِين الْمَرْدُودَة وَفِي تعدد الْيَمين وَجْهَان
أَحدهمَا أَنه يَتَعَدَّد لتَعَدد الْجِهَة
وَالثَّانِي أَنه تَكْفِي يَمِين وَاحِدَة جَامِعَة بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات للإيجاز فَيحلف أَن جَمِيع الدَّار لَهُ لَيْسَ لصَاحبه فِيهَا حق فَلَو قَالَ وَالله إِن النّصْف الَّذِي يَدعِيهِ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حق وَالنّصف الآخر هُوَ لي اكْتفي بذلك
أما إِذا كَانَ لأَحَدهمَا بَيِّنَة فَتسمع ابْتِدَاء وَإِن كَانَ دَاخِلا فِي النّصْف وَلَكِن تسمع تَابعا لِلنِّصْفِ الآخر وَإِنَّمَا ينقدح الرَّد على رد بَيِّنَة الدَّاخِل وَحده إِذا أنشأ مَعَ الإستغناء عَنهُ وَهَهُنَا احْتَاجَ لأجل النّصْف وَلَكِن لَو أَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَة فقد قيل الْآن يجب على الأول إِعَادَة بَينته ليَقَع بعد بَيِّنَة