قال الأستاذ سيد قطب:
فهي خير أمَّة أخرجت للنَّاس، لا عن مجاملة، ولا عن محاباة، ولا عن مصادفة أو جزاف، - تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا - وليس توزيع الاختصاصات والكرامات كما كان أهل الكتاب يقولون: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (المائدة: من الآية 18) . كلا إنّما هو العمل الإيجابي لحفظ الحياة البشريَّة من المنكر، وإقامتها على المعروف، مع الإيمان الذي يُحدّد المعروف والمنكر (?) .
إنَّ هذه الخيريَّة لها أسباب، ولها حقيقة، حقيقة لا بدّ أن توجد في الواقع، وأن ترى في الحياة، وليست مجرّد تصوّر ذهني، وفلسفة غائبة.
إنَّ هذه الخيريَّة مسألة نسبيَّة بالنسبة للأمَّة، فقد ترتفع لتبلغ الذّروة، كما كانت الحال في جيل الصّحابة والقرون المفضّلة، وقد تنحسر في مجموعات وأفراد، كما هي في القرون المتأخرة، وذلك تبعًا لوجود مقومات الخيريَّة وصيانتها.