وقال آخرون: إنَّهم معجلون إلى النَّار مقدّمون إليها، وذهبوا في ذلك إلى قول العرب: أفرطنا فلانًا في طلب الماء إذا قدّموه لإصلاح الدّلاء والأرشية. وقيل غير ذلك. ورجّح الطبري أن معنى {مُفْرَطُونَ} (النحل: من الآية 62) مخلّفون متروكون في النَّار، منسيّون فيها (?) .
وقال - تعالى - في سورة الكهف: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: من الآية 28) .
روى عن مجاهد: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: من الآية 28) ضائعًا.
وروي عنه: ضياعًا.
قال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، قول من قال: معناه: ضياعًا وهلاكًا، من قولهم: أفرط فلان في هذا الأمر إفراطًا، إذ أسرف فيه وتجاوز قدره، وكذلك قوله: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: من الآية 28) معناه: وكان أمر هذا الذي أغفلنا قلبه عن ذكرنا في الرّياء والكبر، واحتقار أهل الإيمان، سرفًا قد تجاوز حدّه، فضيّع بذلك الحقّ وهلك (?) .
وقال ابن الجوزي: في الآية أربعة أقوال:
أحدها: أنّه أفرط في قوله، روي عن ابن عباس.
والثاني: ضياعًا، قاله مجاهد، وقال أبو عبيدة، سرفًا وتضيّيعًا.