أمَّا الغلوّ الجزئي العمليّ، فهو ما كان غلوًّا في جزئيَّة من جزئيَّات الشَّريعة ومتعلّقًا بباب العمليَّات دون الاعتقاد، فهو محصور في جانب الفعل سواءً أكان قولا بالّلسان أو عملا بالجوارح (?) .

والغلوّ الكّليّ الاعتقاديّ أشدّ خطرًا، وأعظم ضررًا من الغلوّ العمليّ، إذ أنَّ الغلوّ الكليّ الاعتقاديّ هو المؤدّي إلى الشّقاق والانشقاق، وهو المظهر للفرق والجماعات الخارجة عن الصّراط المستقيم، وذلك كغلوّ الرّافضة والخوارج (?) .

خامسًا: أنه ليس من الغلو طلب الأكمل في العبادة؛ بل الغلوّ تجاوز الأكمل إلى ما يؤدّي إلى المشقَّة ونحوها، إذ ليس الأكمل في كميَّة العبادة، بل يدخل في تحديد الأكمل أمور عدَّة تتعلّق بالعمل، وبمن قام بالعمل، وكذلك من له صلة بهذا العمل.

فالصَّدقة - مثلا -: يُراعى فيها: المتصدِّق، والمتصدَّق عليه، والمال المتصدِّق به، ولا يُسمَّى كمالا كليًّا بالنَّظر للكمال الجزئيّ.

قال ابن المنيّر: وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنَّه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدّي إلى الملال أو المبالغة في التطوّع المفضي إلى ترك الأفضل (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015