والقارئ لكلام شيخ الإسلام، يتَّضح له التَّلازم بين الخيريَّة والبينيَّة في استخراج معنى الوسطيَّة في ضوء المنهج الذي سلكه ابن تيمية - رحمه الله - للوصول إلى تحقيق هذه المسألة، وبيان اتّصاف هذه الأمَّة بهذه الصّفة الحميدة.
وقبل ذلك سلك الطبري هذا المنهج في تفسيره لقوله - تعالى -: {أُمَّةً وَسَطًا} (البقرة: من الآية 143) كما سبق.
2- عن عبد الله بن معاوية الغاضري رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم «ثلاث من فعلهنَّ فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: من عبد الله وحده، وعلم أنَّه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيّبة بها نفسه، رافدة عليه كل عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرة ولا المريضة، ولا الشّرط اللئيمة، ولكن من وسط أموالكم، فإنَّ الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشرّه» رواه أبو داود. (?) .
وهنا نجد أن الوسطيَّة واضحة في هذا التَّوجيه النبويّ، فالبينيَّة صريحة في الحديث، أمّا الخيريَّة فهي ظاهرة لمن تأمَّل من خلال ما يلي: