أما ما شاع عند الناس وانتشر من الوقوف عند أصل دلالتها اللغوية، أي التوسّط بين طرفين، مهما كان موضع هذا الوسط - الذي تمَّ اختياره - من صراط الله المستقيم، التزامًا وانحرافًا، فليس بمفهوم صحيح وفق ما تبينه الآيات والأحاديث (?) .
ويؤكّد هذا المعنى في موضع آخر، فيقول:
ولا يلزم لكل ما يعتبر وسطًا في الاصطلاح أن يكون له طرفان، فالعدل وسط ولا يقابله إلا الظّلم، والصّدق وسط ولا يقابله إلا الكذب (?) .
وهناك من جعل (الوسطيَّة) من التوسّط بين الشيئين دون النظر إلى معنى الخيريَّة التي دلَّ عليها الشَّرع، قال الأستاذ فريد عبد القادر:
وقد شاع كذلك عند كثير من الناس استعمال هذا الاصطلاح الرَّبانيّ، استعمالا فضفاضًا يلبس أي وضع أو عرف أو مسلك أرادوه، حتى أصبحت الوسطيَّة في مفهومهم تعني التَّساهل والتَّنازل.. إلخ (?) .
وما ذكره الأستاذ فريد في تعريفه للوسطيَّة، وكذلك ما نقله عن غيره ففيه نظر، ويتَّضح ذلك فيما سيأتي:
وقد تأمَّلت ما ورد في القرآن والسنَّة والمأثور من كلام العرب فيما أطلق وأريد به مصطلح (الوسطيَّة) ، فتوصَّلت إلى أن هذا المصطلح لا يصحّ إطلاقه إلا إذا توافرت فيه صفتان: