قال ابن كثير: وذلك أنهم بطروا هذه النعمة، وأحبّوا مفاوز ومهامة يحتاجون في قطعها إلى الزاد والرواحل والسير والمخاوف، كما طلب بنو إسرائيل من موسى أن يخرج الله لهم مما تُنبت الأرض، من بقلها وقثّائها وفُومها وعدسها وبصلها، مع أنهم كانوا في عيش رغيد، في منّ وسلوى وما يشتهون من مآكل ومشارب، وملابس مرتفعة، ولهذا قال لهم: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} (البقرة: من الآية 61) .
وقال عز وجل {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (القصص: من الآية 58) .
وانظر ماذا كانت النتيجة: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (سبأ: من الآية 19) قال ابن كثير: أي جعلناهم حديثًا للناس. وسمرًا يتحدثون به من خيرهم، وكيف مكر الله بهم، وفرّق شملهم بعد الاجتماع والألفة والعيش الهنيء، تفرقوا في البلاد هاهنا وهاهنا، ولهذا تقول العرب في القوم إذا تفرقوا: تفرقوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ، وتفرقوا شذر مذر (?) .