ودلالة هذه الآية: أن وسطيَّة الرزق تؤدي إلى وسطية العمل والعبادة، والإفراط يؤدي إلى الإفراط والتفريط، فأصبحت وسطيَّة الرزق مانعة من الطغيان والبغي.
9- ومما يُدلّ على ذمّ الإِفراط والتفريط قوله - تعالى -: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (الروم:36) . ومثل هذا المعنى قوله - تعالى - عن المنافقين.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} (التوبة:58) ثم يبين لهم المنهج الحق الذي يجب أن يسلكوه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} (التوبة:59) .
قال القاسمي في الآية الأولى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً} (الروم: من الآية 36) أي: نعمة من صحة وسعة {فَرِحُوا بِهَا} (الروم: من الآية 36) أي: بطرًا وفخرًا، لا حمدًا وشكرًا.