وقال الطبري مبينًا مدلول آية الأنعام، {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأنعام: من الآية 141) قال: بعد أن ذكر أقوال العلماء: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله - تعالى - نهى بقوله: {وَلَا تُسْرِفُوا} (الأنعام: من الآية 141) عن جميع معاني الإسراف، ولم يخصص منها معنى دون معنى.

وإذا كان ذلك كذلك، وكان الإسراف في كلام العرب: الإخطاء بإصابة الحق في العطية، إما بتجاوز حده في الزيادة، وإما بتقصير عن حده الواجب (?) كان معلومًا أن المفرق ماله مباراةً، والباذلَه للناس حتى أجحفت به عطيته، مسرف بتجاوزه حد الله إلى ما كيفته له.

وكذلك المقصر في بذله فيما ألزمه الله بذله فيه، وذلك كمنعه ما ألزمه إيتاءه منه أهل سهمان الصدقة، إذا وجبت فيه، أو منعه من ألزمه الله نفقته من أهله وعياله ما ألزمه منها.

وكذلك السلطان في أخذه من رعيته ما لم يأذن الله بأخذه.

كل هؤلاء فيما فعلوا من ذلك مسرفون، داخلون في معنى من أتى ما نهى الله عنه من الإسراف بقوله: {وَلَا تُسْرِفُوا} (الأنعام: من الآية 141) في عطيتكم من أموالكم ما يجحف بكم. (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015