إن ما ذكرته من تقرير الإسلام لمنهج الوسطيَّة في باب الإيمان بالله ورسله دليل عملي على ما عداه من أبواب الاعتقاد، كالإيمان بالملائكة والكتب واليوم الآخر وبالقدر خيره وشرّه.
وكما ذكرت سابقًا فليس المراد هو استقصاء ما ورد في ذلك، وإنما المراد إرساء قواعد الوسطيَّة وبيان أنّها منهج إلهي، فمن انحرف عنها فقد ضلّ سواء السبيل.
ولذلك جاء قوله تعالى في سورة المائدة: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (المائدة:77) .
بل قال قبل ذلك في سورة النساء: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (النساء: من الآية 171) . وهاتان الآيتان جاءتا في سياق تقرير مسألة من مسائل الاعتقاد، وهي قضية اعتقاد النصارى في عيسى ابن مريم، عليه السلام، كما سبق بيانها.