ولأن الاستقامَة تعني الوسطيَّة كما توضحها آية الفاتحة، وكما حرّرت ذلك في مبحث سابق، جاءت الآيات متعدّدة تدعو إلى الاستقامة بأساليب متعدّدة وألفاظ مُتقاربة، وهي تدور بين الخبر والإنشاء. ومن هذا المنطلق، وبعد أن تقرّر أن طريق الاستقامة هو طريق الأمَّة الوسط، فإن كل آية وردت في الاستقامة فهي آية في تحقيق الوسطيَّة والدّعوة إليها.

والآيات في هذا الباب كثيرة جدًّا أذكر بعضًا منها دلالة على المراد، وبيانًا لهذا المنهج.

قال - سبحانه -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا} (هود: من الآية 112) . وقال: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (الشورى: من الآية 15) .

وأجد في هاتين الآيتين ما يستحقّ التّنبيه عليه، ونحن بصدد الحديث عن الوسطيَّة، وذلك أنّه قال في الآية الأولى: {وَلَا تَطْغَوْا} (هود: من الآية 112) بعد أن أمر بالاستقامَّة، والطغيان هو مجاوزة الحدّ (?) . وهو خروج عن منهج الوسطيَّة إلى الانحراف عن السبيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015