ومن خلال ما سبق يتَّضح لنا أن صفة البينيَّة أمر أساسي في تحديد الوسطيَّة، وأنَّ هؤلاء العلماء والكُتّاب اعتبروا هذا الأمر قضيَّة مسلَّمة في تحديدهم، وتعريفهم للوسطيَّة.

وقد ذكرت الأدلّة من القرآن والسنَّة على أنَّ البينيَّة صفة لازمة للوسطيَّة، وذلك في مبحث (تحرير معنى الوسطيَّة) .

وهذه البينيَّة ليست مجرّد الظّرفيَّة، وإنَّما هي التي تعطي الدَّلالة على التّوازن والاستقامَّة والعدل، ومن ثمَّ الخيريَّة، فهذه هي الوسطيَّة الحقَّة. وبهذا يتَّضح لنا الخطأ الذي وقع فيه الأستاذ فريد عبد القادر عندما ذهب إلى أنَّ الوسطيَّة لا تستلزم البينيَّة، ومن ثمَّ قام بتخطئة من ذهب إلى ذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ممَّن ذكرت سابقًا، حيث قال:

لقد ركّزت الدّراسات السّابقة حول موضوع الوسطيَّة على مفهوم التّوسّط بين أمرين. (ثم قال) :

فكانت فكرة التّوسّط بين أمرين مسيطرة على الأذهان والعقول أثناء البحث لإظهار وسطيَّة الإسلام، مع التّعبير عن هذه الوسطيَّة بالخيريَّة، (ثم حكم عليها قائلا) : فكانت هذه الدّراسات تخلط أثناء البحث بين ملابسات صحيحة، ونتائج غير صحيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015