وقد ساق الطبري عددًا من الرِّوايات في هذا المعنى. ثم ذكر تفسير هذه الآية منسوبًا إلى بعض الصَّحابة والتَّابعين، كأبي سعيد ومجاهد وغيرهما، حيث فسَّروها بـ "عدولا".

وكذلك نقل تفسير ابن عباس لها "جعلكم أمة عدولا". وقال ابن زيد: هم وسط بين النبي، صلى الله عليه وسلم وبين الأمم (?) .

2- قال الإمام الطبري: وأمّا الوسط فإنه في كلام العرب: الخيار، يُقال منه: فلان وسط الحسب في قومه، أي متوسط الحسب، إذا أرادوا بذلك الرّفع في حسبه.

وهو وسط في قومه وواسط، قال ابن زهير بن أبي سُلمى في الوسط:

هم وسط يرضى الأنام بحكمهم ... إذا نزلت إحدى الليالي بمعظَمِ

قال: وأنا أرى أن الوسط في هذا الموضع هو الوسط الذي بمعنى الجزء، الذي هو بين الطَّرفين، مثل وسط الدّار.

وأرى أن الله - تعالى ذكره - إنّما وصفهم بأنَّهم وسط لتوسّطهم في الدّين، فلا هم أهل غلوّ فيه، غلوّ النَّصارى الذين غلوا بالتَّرهُّب، وقيل هم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه، تقصير اليهود الذين بدَّلوا كتاب الله، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربِّهم، وكفروا به، ولكنهم أهل توسّط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحبّ الأمور إلى الله أوسطها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015