يظهر من ذلك أن اليسر والوسع: ما يُقدم عليه الإنسان من غير أن يلحقه مشقَّة زائدة، ومن غير أن يحتاج لبذل كلّ ما لديه من طاقة ومجهود، وعقّب قائلا: ومن هذا فإنّ ما ذكره ابن حزم في أصول الأحكام من أنَّ: (العسر والحرج ما لا يستطاع، أمَّا ما استطيع فهو يسر) . ليس بدقيق، ولا سيَّما في إطلاق الشرع، إذ أنَّ هناك أمورًا يستطيع المكلّف عملها، مع لحوق مشقَّة أو عسر، فجاء التَّخفيف فيها إلى ما هو أيسر، ولو بذل غاية جهده وطاقته لقام بها، ومنه يتبين أن عدم الاستطاعة ليست معيار العسر الشّرعي (?) .
وأختم أقوال العلماء في تعريف اليسر والوسع بما قاله الزمخشري: "إن الوسع هو ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه، ولا يحرج فيه، فالله لا يكلّف النّفس إلا ما يتّسع فيه طوقها، ويتيّسر عليه دون مدى غاية الطّاقة والمجهود، فقد كان في طاقة الإنسان أن يصلّي أكثر من الخمس، ويصوم أكثر من شهر، ويحجّ أكثر من حجّة" (?) .
هذا ما يتعلّق بتعريف اليسر والوسع، أمّا رفع الحرج فإنَّ تعريفه يستلزم تعريف الحرج أولا: قال في لسان العرب:
الحرج: الإثم.
وقال أحمد بن يحيى: والتّحريج: التّضييق.
وقال ابن الأثير: الحرج في الأصل: الضيق.