عن الربيع (?) أنه قال في الآية: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة فمن ثم قال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (?).
يدلل على ذلك ما جاء في الحديث الصحيح من كونه -صلى الله عليه وسلم- أكثر الأنبياء تبعا، كما في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد" (?).
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة" (?).
يوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- مبلغ هذه الكثرة فيقول في الحديث الذي رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-: "عرضت علي الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط (?)، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر هاهنا، وهاهنا - في آفاق السماء- فإذا سواد قد ملأ الأفق، وقيل: هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألف بغير حساب" (?).
وهذه النصوص صريحة في بيان أن المؤمنين المتبعين للنبي -صلى الله عليه وسلم- من هذه الأمة، أكثر من المتبعين لأي نبي من الأنبياء من الأمم السابقة، فهذه الأمة أقرب الأمم إلى الحق واعتناقه، وهذه علامة الخير والرشد، وبذلك كانت (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) لكون المؤمنين والمهتدين منها أكثر منهم في الأمم قبلها.