والإقرار بما أنزل الله، وتقاتلوهم عليهن ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف، وتنهونهم عن المنكر، والمنكر هو التكذيب، وهو أنكر المنكر" (?).
إنما كانت في الواقع تدعو الناس إلى ما فيه نفعهم ونجاتهم، وتنهاهم عما فيه هلاكهم، باذلة في سبيل ذلك النفس والنفيس، ليس لها هدف إلا القيام بما أوجبه الله عليها من هداية الخلق إلى طريق النجاة، وإخراجهم من ظلمات الجهل والشك، والوثنية، إلى نور التوحيد والإيمان، وتحريرهم من عبودية العباد إلى عبودية الخالق جل وعلا، كما قال ربعي بن عامر (?) -رضي الله عنه- لرستم (?) قائد الفرس لما سأله: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا، والله جاء بنا، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبي قاتلناه حتى تفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبي، والظفر لمن بقي (?) ...
لقد كان هذا الصحابي الجليل خير سفير لهذه الأمة إلى رستم وقومه، بين له مهمة هذه الأمة، وهدفها، وهو أنها لم تخرج لطلب ملك، أو مال أو دنيا وسلطان، وإنما أخرجها الله وابتعثها، كما قال -عز وجل: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران: 110] بالبناء للمجهول للدلالة على أنها لم تخرج بنفسها لهوى أو مصلحة ذاتية، وغنما أخرجت للناس، والله هو الذي أخرجها، لتدعو الخلق إلى عبادة الخالق دون المخلوق، ليس لها هدف سوى ذلك، فإن هو تحقق كان ذلك غاية ما تطمح إليه وتسعد به (فمن قبل منا ذلك، قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا) (?).