لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: 143]، قال: وأما التأويل فإنه جاء بأن الوسط العدل، وذلك معنى الخيار، لأن الخيار من الناس عدولهم (?).

ومما سبق يتضح أن الخيرية مما فسر به معنى الوسطية التي ذكرها الله من خصائص هذه الأمة، فما هي هذه الخيرية التي نعرف بها وسطية هذه الأمة؟

قال الطبري -رحمه الله-: معنى ذلك: كنتم خير أمة أخرجت للناس، إذا كنتم بهذه الشروط التي وصفهم -جل ثناؤه- بها، فكان تأويل ذلك عندهم: كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله، أخرجوا للناس في زمانكم (?).

قال أبو مسعود (?) -رحمه الله-: (تؤمنون بالله) أي إيمانا متعلقا بكل ما يجب أن يؤمن به من رسول وكتاب وحساب وجزاء، وإنما لم يصرح به تفصيلا لظهور أنه الذي يؤمن به المؤمنون، وللإيذان بأنه هو الإيمان بالله تعالى حقيقة (?)، وقال القاسمي -رحمه الله-: ثم بين وجه الخيرية بما لم يحصل مجموعه لغيرهم بقوله: (تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [آل عمران: 110]، فبهذه الصفات فضلوا على غيرهم ممن قال تعالى فيهم: (كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة: 79]، (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) [النساء: 150].

وقال محمد رشيد -رحمه الله-: والحق أقول: إن هذه الأمة ما فتئت خير أمة أخرجت للناس، حتى تركت الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ثم قال: وقد بين الفخر الرازي كون وصف الأمة هنا بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان علة لكونها خير أمة أخرجت للناس، فقال: واعلم أن هذا الكلام مستأنف والمقصود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015