المبحث الثامن وسطية القرآن في حل طعام أهل الكتاب ونسائهم

المبحث الثامن

وسطية القرآن في حل طعام أهل الكتاب ونسائهم

وكذلك نلحظ الوسطية في التشريع في حل طعام أهل الكتاب وجواز نكاح نسائهم والوسطية تبرز في موضوع الطعام وموضوع النكاح من أهل الكتاب مما لا يحتاج إلى شرح، وسوف أبين الحكمة من هذا التشريع.

قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ و) [المائدة: 5].

إن أهل الكتاب أقرب إلى المسلمين من الكافرين الملحدين؛ ولذلك شرع الإسلام معاشرتهم حتى يعرفوا حقيقة الإسلام وبالتخلق والعمل يظهر لهم أن ديننا هو عين دينهم مع مزيد بيان وإصلاح يقتضيه ترقي البشر وإزالة بدع وأوهام دخلت عليهم من باب الدين وما هي من الدين في شيء، وأما المشركون فلا صلة بين ديننا ودينهم قط، ولذلك دخل أهل الكتاب في الإسلام مختارين بعد ما انتشر بينهم وعرفوا حقيقته ولو قبلت الجزية من مشركي العرب كما قبلت من أهل الكتاب لما دخلوا في الإسلام كافة ولما قامت لهذا الدين قائمة (?).

ومن الحكم في إباحة التزوج بأهل الكتاب وجواز أكل طعامهم إزالة الجفوة التي تحجبهم عن محاسن الإسلام بإظهار محاسنه لهم بالمعاملة فينبغي لكل مسلم يريد الزواج منهم أن يكون مظهرا لهذه الحكمة وسالكا سبيلها، وذلك بأن يكون قدوة صالحة لامرأته ولأهلها في الصلاح والتقوى ومكارم الأخلاق، فإن من لم ير نفسه أهلا لذلك فلا يقدم عليه (?).

ويقول سيد قطب -رحمه الله-: في ظلال القرآن: (وهنا نطلع على صفحة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015