توجه يستطيع أن يتجه بعبادته لله. وفي هذا يقول تعالى: (وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة: 115].

ويقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا، فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل" (?).

وقد كانت هذه الخصيصة للعبادة الإسلامية موضع الإعجاب العظيم والتأثير البالغ من كثيرين من غير المسلمين، حتى من رجال الأديان أنفسهم حتى إن الأسقف (لوفروا) قال: لا يستطيع أحد يكون خالط المسلمين لأول مرة، ألا يدهش بمظهر عقيدتهم، فإنك حيثما كنت سواء أوجدت في شارع مطروق أم في محطة سكة حديدية أم في حقل، كان أكثر ما تألف عيناك مشاهدته أن ترى رجلا ليس عليه أدنى مسحة للرياء، ولا أقل شائبة من حب الظهور، يذر عمله الذي يشغله كائنا ما كان، وينطلق في سكون وتواضع لأداء صلاته في وقتها المعين (?).

ولقد كان هذا المشهد العجيب في الأديان أحد العوامل التي أثرت في وجدان المحامي الكبير الأستاذ زكي عريبي عميد الطائفة اليهودية في مصر والذي اهتدى إلى الإسلام في عام 1960، ومما جاء في محاضراته (لماذا أسلمت؟) قوله: (وما سمعت المؤذن يؤذن في الفجر أو في الظهر أو في أي وقت آخر إلا شعرت بأنه صوت الله، الذي يفصل بين الحق والباطل والحلال والحرام ويهدي الإنسان إلى الطريق المستقيم، وأركب السيارة في السفر وعلى الطريق بين الحقول وبين الفضاء تقع عيني على رجل متواضع يقف بين يدي الله في ثياب رثة مهلهلة، يقف على مصلي صغير، مفروش بالرقيق من الحصير على شاطئ ترعة متواضعة يصلي لله في خشوع وابتهال، فكانت نفسي تهفو إلى أن أصلي مثل صلاته، كنت أعتقد أن هذه نفحات الله في الأرض يلقيها في نفوس عبادة الصالحين) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015