المبحث الأول الغلو والإفراط

أولا: الغلو: أما الغلو فقد عرفه أهل اللغة بأنه مجاوزة الحد، فقال ابن فارس: غلو: الغين واللام والحرف المعتل أصل صحيح يدل على ارتفاع ومجاوزة قدر، يقال: غلا السعر يغلو غلاء، وذلك ارتفاعه، وغلا الرجل في الأمر غلوا، إذا جاوز حده، وغلا بسهمه غلوا إذا رمي به سهما أقصى غايته (?).

وقال الجوهري: وغلا في الأمر يغلو غلوا، أي جاوز فيه الحد (?) وقال صاحب لسان العرب: وغلا في الدين والأمر، والأمر يغلو: جاوز حده، وفي التنزيل: (لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) [النساء: 171] (?).

وقال بعضهم: غلوت في الأمر غلوًا وغلانية وغلانيا إذا جاوزت فيه الحد وأفرطت فيه وفي الحديث: "إياكم والغلو في الدين .. " (?) أي التشدد فيه ومجاوزة الحد، كالحديث الآخر: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق".

وغلا السهم نفسه: ارتفع في ذهابه وجاوز المدى، وكله من الارتفاع والتجاوز. ويقال للشيء إذا ارتفع: قد غلا، وغلا النبت: ارتفع وعظم (?)، هذا معنى الغلو في اللغة: وقد جاءت آيتان في القرآن الكريم فيهما النهي عن الغلو بلفظه الصريح، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ) [النساء: 171].

قال الإمام الطبري -رحمه الله-:

(لا تجاوزوا الحق في دينكم فتفرطوا فيه، وأصل الغلو في كل شيء مجاوزة حده الذي هو حده، يقال منه في الدين غلا فهو يغلو غلوا) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015