2 - أننا عندما نريد أن ن ستخرج معنى الخيرية في السمينة السليمة الأفضل مما هو من أجود الأغنام وأغلاها.
وإذا نظرنا إلى خيرية الغني - في الدنيا- قلنا إن الأسهل عليه أن يخرج الضعيفة الهزيلة ونحوها. ولكن الخيرية الكاملة أن ننظر إلى مصلحة الفقير ومصلحة الغني - صاحب المال- جميعا، دون ترجيح لإحدى المصلحتين على الأخرى، وهذه هي الوسطية، وذلك باستخراج ما بين أفضلها وأضعفها - هي الوسط- وذلك مثل قوله تعالى: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) [المائدة: 89] هنا اتضح التلازم بين الخيرية والبينية في تحقيق معني الوسطية.
روى الإمام البخاري (?) في صحيحه أن أبا بكر -رضي الله عنه- خطب يوم السقيفة، وكان مما قال يخاطب الأنصار: "ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارًا" (?) والوسطية المرادة هنا يظهر فيها معني الخيرية جليا لا لبس فيه، فأين البينية؟
فالبينية تتضح إذا علمنا ما امتازت به قريش من صفات أهلتها لأن تكون خير العرب، وهذه الصفات من الشجاعة والكرم وسائر الصفات الحميدة، هي في حقيقتها صفات اتصفوا بأفضلها، دون إفراط أو تفريط، أو غلو أو جفاء، ولذلك فقد نالوا هذه المنزلة الرفيعة من كون العرب لا تدين إلا لهم وما ذلك إلا لثقتهم في عدلهم من قبائل وأطراف متنافرة في أخلاقها، متباينة في طباعها، وذلك لخصيصة الوسطية فيهم، ويصدق فيهم قول زهير.
هم وسط يرضي الأنام بحكمهم ... إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم (?)